|
إضافة رد |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() | #1 | |
![]() | ![]()
بينما كنت جالساً وحيداً سارحاً بفكري في أحد قصور الأفراح بعد أن تناولت طعام العشاء أطلّ عليّ صديقي الشاعر الشعبي - تسبقه كرشه - وبمجرد جلوسه قام كعادته بإخراج السبحة من جيبه اليمن وأدخل يده الأخرى في جيبه اليسار وأخرج عود أسنان وقال وهو يلوح بسبحته ويمرر العود على أسنانه : ما لي أراك حزيناً منطوياً في هذا الركن المظلم وكأنك حية رقطاء ؟! فقلت بملل: لا شيء .. فقط أحببت أن أجلس مع نفسي وأن أختلي بها ... فصرخ محتجاً: تجلس مع نفسك هناك في منزلك وليس هنا!، هنا من المفترض أن تقاتل لتحصل على صدر المجلس .. فقلت له ساخراً: " صدر المجلس " ؟! ما بك ؟! وكأني أرى جدي واقفاً فوق رأس أبي عام 1950 م ينصحه! بلع ريقه وقال: ها !؟ دعك من صدر المجلس وأجبني: ماذا حدث لقصتك بعد تصحيحها من ابن عمي أستاذ اللغة العربية؟ هل فزت أخيراً ؟؟ فقلت بغضب: " انتظر لحظة، انتظر! " وغرست أصابعي في جيبي وأخرجت الأوراق الخاصة بقصتي التي وصلتني من لجنة المسابقات ورميتها في وجهه. فتح الأوراق وقال: ها .. إنها قصتك ؟! قاطعته: لم تعد قصتي لوحدي، بل هنالك شريك .. هو ابن عمك أستاذ اللغة العربية. أخذ يتصفح الأوراق ويقرأ بصوت مسموع متقطع وهو ينظر إليّ بطرف عينه .. "نصٌ مليءٌ بالأخطاء النحوية ، وجهل بعلامات الترقيم .. " "الفاء استثنائية ... الفاء حرف عطف وهي سببيه ... " "المصدر المؤول من أن وما بعدها معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق ... " "صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب ... " "إنه مبني لعدم وجود سبب للبناء ، ولا يُقال : إنه معرب لعدم دخول عامل عليه حتى يُعرب ..." هز رأسه بعنف ولم يكمل قراءته ورمى الأوراق بحقد والتفت إليّ وثار في وجهي كالبركان وقال: أنتم عميان ومن ينتقدكم أعمى مثلكم ... أتعلم لماذا ؟! لأنكم جميعاً تبحثون عن الأضواء في سوق خلا من المتسوقين. على كل حال .. أعد حساباتك، فالدنيا قائمة على العرض والطلب وأنت تهدر وقتك دون طائل ... والآن استمع إليّ جيداً: إنني أعرض عليك فرصة حقيقية، الراوي الخاص بالشيخ توفي ومكانه شاغر، سأمر عليك غداً لمرافقتي إلى قصره، فلديه مناسبة، سأساعدك في الحصول على هذه الوظيفة، فهي لا تحتاج لنحو ولا صرف ولا أدوات أو علامات ترقيم، فقط أطلق العنان للسانك ... فقلت باحتقار: "راوي "؟! قال: نعم، راوي يأنطون تشيخوف ! وواصل حديثه قائلا: استمع إليّ أيها الأحمق: الكتابة ليست مجرد هواية، بل حرفة بدون سوق، هي ثرثرة، وقام من عندي ... عدتُّ إلى منزلي تلك الليلة، وأخذت أتلوى في فراشي، فكلام صديقي لم يكشف لي عن شيء أجهله، بل واقع أعايشه ... فذاكرتي مليئة بصور تلك الروايات القادمة من شتى الثقافات، وهن متزينات ، أصابهن الإعياء والسأم من ركودهن الطويل على رفوف المكتبات ... وتلك الكتب التي سهرتُ من أجلها ليالي وأيام، وبسببها خسرت الكثير من الجهد والمال والخلان، والنتيجة! قصصٌ تشَرَفتْ بالجلوس على أرفف المكتبات مدة من الزمن ثم أعيدت إليّ لتصبح حبيسة الكراتين داخل بيتي أراها باليل والنهار ... لذا عندما أتى إليّ وأخذني معه لم أقاوم، بل أخذت أستمع إليه بإنصات وهو ينصحني قائلاً: انزع من قصصك الحداثة ولونها بالتراث واعلم، إن الشيخ وضيوفه لا يهمهم من أي أرض أتيت ولا بماذا نطقت! فأنا وأنت لسنا سوى مُهرِجَان .. بائعين للكلام! المهم انني رافقت صديقي ذلك اليوم ودخلتُ مجلس الشيخ العامر ، وقام صديقي يشدو بقصيدة تغنى فيها بأبيات المدح وبكرم الشيخ وحسن ضيافته وبمجرد انتهائه قام بتعريفي علي الشيخ والذي طلب مني أن أروي قصة له ولضيوفه ففعلت ... وبمجرد انتهائي دُعينا لمأدبة عشاء، وجلست أنا وصديقي فقط على خروف محمر بالفرن، رائحته زكية تغزو الأنف، لم يسبق لي أن شممت مثلها من قبل، تحيط به سلال الفواكه التي لم أذق لها مثيل! ومن ثم ذهبنا إلى طاولة الحلى، طاولة عرضها مترين وطولها عشرة أمتار مليئة بأصناف الحلى ولم اعرف منها سوى " أم علي " اما اخواتها الكثيرات، مع الأسف أجهل اسمائهن... وعند خروجنا ناول سكرتير الشيخ كلاً منا ظرفاً بداخله عشرون ألف دولار، فقلت حينها في نفسي: عشاء وحلا ونقود خضراء في ليلة واحدة ؟! وتذكرت هذه الآية): لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ). توالت الليالي وزان الحال واشتريت فيلا وسيارة بأغلى الأثمان، وأصبحت أحمل مثل صديقي سبحة في جيبي اليمين ألوحُ بها، وأعواد فاخرة للأسنان في جيبي الشمال، أخرجها بعد كل مأدبة غداء أو عشاء، أعضها بأسناني وأضمها بشفتي وألعب بها بلساني! | |
![]() |
![]() | #2 | |||||||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
| ![]()
قصة جميلة اخي مرحباً بك معنا اديباً في منتدانا استمتعت بهذا النص الجميل وطريقة الطرح يعطيك العافية... | |||||||||||||||
![]() |
![]() | #3 | ||||||||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
| ![]()
هههههههههههههههه فعلا انها قصة المضحك المبكي وهو ما نعاصره في زمننا هذا للاسف.. يعطيك العافيه اخي عبدالعزيز صلاح . ونترقب دوماً جديدك الممتع . | ||||||||||||||||
![]() ![]() |
إضافة رد |
| |
![]() | أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||