الموضوع: هدوء الليل
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-14, 09:56 AM   #1868
إحساس العالم

الصورة الرمزية إحساس العالم
The silence of the evening

آخر زيارة »  11-14-22 (08:12 PM)
المكان »  السعودية
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي فقط حرمان يشتكي ومسلوبة عشق تستغيث !!



( الفصل الثاني )

بعد ذلك اليوم الجميل وبعد الاستمتاع بجميع أحداثه وبعد أن نال الجسد الراحة لمدة 6 ساعات استيقضت بابتسامة

لأن عقلي حينها مازال يتذكر ما حدث أثناء رحلتنا الجميلة لتلك الجزيرة العظيمة برفقة مارك كم هي جميلة كل اللحظات

السعيدة التي لا تنسى والتي تبعد عن حياتنا الروتين الممل ، ذهبت لأغسل وجهي وأفرش أسناني كانت الغرفة

هادئة تماماً بعكس ليلة الماضية التي كان صوت شخير عمّار يكاد يبتلع اثاث الغرفة ، لم أجد عمّار فتبادر إلى ذهني

أنه ذهب لإحضار الإفطار وكنت متلفهاً لمعرفة ما سيحضره من إفطار فقد كان الجوع يشتكي .

ذهبت لغرفته وجدت الغرفة مقلوبة رأس على عقب حينها كنت على أعصابي ماذا حلّ بعمّار وما الذي قلب غرفته هكذا

الأبجورة الصغيرة ملقاة على الأرض وزجاجها منتشر في أرجاء الغرفة البيانو عليها نزيف دم تشتت فكري وبدأت اتساءل

مالذي جرى ولماذا لم أشعر بكل هذا وأنا نائم ؟!! النافذة مفتوحة وباب الشقة مفتوح اقتربت من الطاولة الصغيرة

التي بجوار سرير عمّار فوجدت رسالة صغيرة تكاد تقرأ واتضح أن المكتوب كان على عجل حاولت قراءة الرسالة

أثناء فتح الظرف إذا بالهاتف يرن ...

كنت حريصاً على قراءة الرسالة فتجاهلت رنين الهاتف وكانت الصدمة في تلك الرسالة ،،،

أخي العزيز / رائد

اعتذر وبشدة عن عدم إخبارك قبل رحيلي المفاجئ فقد قررت الرحيل لبلادي لظرف طارئ اتمنى أن لا أكون

سبباً في مضايقتك استمتع برحلتك لعلي أعود قريباً ..

أخوك / عمّار

لم يكن الأمر سهلاً علي أن أستمر في تلك الرحلة لأهمية هذا الإنسان الرائع عمّار فقررت البحث عن طريق دليل

الهاتف الموجود فوق طاولة التلفاز عن أرقام مكاتب الحجوزات اتصلت بمكتب لا يبعد سوى 10 دقائق عن السكن

الذي نسكن فيه كما تبين لي في الخريطة التي أضيفت حديثاً لدليل الهاتف ، بعد تجهيز الشنط وجميع الأشياء

الخاصة بي من مشتريات وبعض الصور ألغيت حجز باقي الأيام وعند محادثتي للسيد / ستيف المسؤول في

الاستقبال كان متفهماً جداً وعندما حضر المسؤول عن خدمة الغرف تسلم المفتاح وعندها طلبت سيارة أجرة

وتوجهنا لمكتب الحجوزات وكانت الأمور شبه معقدة قليلاً فلم يكون هناك حجز قبل الساعة الثامنة مساءاً وماكان

علي سوى الانتظار في المطار عندها كانت الساعة السابعة صباحاً وما كل انتظار يكون سهلاً فحضور القلق

على صاحبي عمّار يجعل من الأمر أكثر تعقيداً وكأن الثواني تتوقف حاولت الاتصال بعمّار فكان الجوال مقفلاً

زاد التوتر وكان التخمين حاضراً ما الأمر العاجل الذي جعل عمّار يسافر بهذه السرعة فأسباب سفره التي لم

أستطع معرفتها كانت هي كل ما يشغلني لحظة انتظار الساعة الثامنة لصعود الطائرة والتوجه للبلد الذي يقيم

فيه عمّار . عند جلوسي في صالات الانتظار إذا بطفلة صغيرة لم تتجاوز الرابعة من العمر كانت ترتدي ملابس وردية

وقبعة بيضاء ووجهها يملأه الفرح قد لا تعي ما يحدث لكنها كانت تعيش حياتها وتعبر عن فرحتها بطريقتها العجيبة

فكانت تبتسم وتلعب وبيدها لعبة صغيرة وكانت والدتها تراقبها لكي لا تبتعد عنها فزحام المطار يبعث القلق ناهيك

عن الانتظار الطويل الذي هو بحد ذاته سفر ..

اقتربت مني تلك الطفلة الجميلة وعند اقترابها سقطت منها لعبتها وكانت خائفة لأن اللعبة بين قدمي وكانت مترددة

هل تقترب وتأخذها أم تنتظر مني أن أعطيها أياها فتعمدت أن أكون أكثر صبراً منها فلم استطع فابتسامتها التي كانت

على وجهها أثناء لعبها تبدلت لحزن مفاجئ فقيمة اللعبة لدى الأطفال يكاد لا يقدر بثمن ويعتبر شيء ثمين لا يساومون

عليه إطلاقاً فعلاً كان صبرها أطول من صبري أخذت اللعبة وابتسمت في وجهها وسلمتها لعبتها وابتسمت وقالت :

أنا أسمي ورده لا أعلم مالذي دعاها لقول اسمها وأنا لم اسأل عنه ولم أتفوه حينها بأي كلمة فكأنها تقول

دون تفكير لصغر سنها طبعاً أنت أعدت لي أغلى ما أملك فأنت الآن صديقي .

شعرت عندما تلاشى الخوف من ورده بعد استعادتها للعبتها بإن القلق بدأ يقل لدي على عمّار ولو للحظات

حان موعد إقلاع رحلة ورده مع أمها وكم كنت اتمنى أن لم تعلن تلك الرحلة فما لبثت دقائق إلا وقد عاد التوتر

مرة أخرى والقلق والتفكير في وضع صديقي العزيز عمّار ، الآن الساعة الرابعة عصراً تبقى أربع ساعات على

موعد الرحلة فقررت المشي قليلاً ليزول التوتر ويعود العقل للتفكير بهدوء فدخلت مقهى صغير وطلبت من النادل

فانيليا فرنسية التي أحبها كثيراً وأشعر بالارتياح عند احتساءها وكان طعمها جميلاً وكأنني لم أشربها من قبل

بدأت أفكر بهدوء وكنت أحاول البحث عن شخص يبادلني الحديث لأهدأ أكثر مما أنا عليه . لا أرى سوى طاولات

خشبية صممت بطريقة قديمة فالأكواب والملاعق والصحون كلاسيكية متميزة عن غيرها تشعرك بأنك تعيش

في السبيعينيات فالناس دائماً يحبون الأشياء الغريبة والقديمة لبساطتها وهذا يعود لذكاء المستثمر صاحب

المقهى الصغير وحنكته لاستقطاب الزبائن وهذا أمر مهم في عالم الاستثمار ، طلبت من النادل تشغيل التلفاز

لإضاعة الوقت قليلاً بينما أشاهد التلفاز والانسجام التام مع مسلسل أمريكي شهير يدعى ( بريزن بريك )

واعتقد كان الجزء الثاني من ذلك المسلسل يذاع حينها وأثناء تسلسل أحداث المسلسل إذا بي ألتفت وأرى

المكان يعج بالزبائن فبعد ماكان خالياً أصبح كصالة المطار . فشعرت حينها أنني لست وحيداً وأن الناس هنا

لهم أفكارهم ومشاكلهم وظروفهم ومعتقداتهم ولهم طرقهم في التعبير عن فرحهم وحزنهم وهذا ما تبين لي

عند رؤيتي لبعض الزبائن فهناك من يتجادل وهناك من يبتسم وهناك في زاوية المقهى أطفال يضحكون ويمرحون

فالحياة جميلة بشكل عام متى ماكان القلب الذي بداخلنا جميلاً ونظيفاً ، الآن الساعة السابعة وخمسون دقيقة

تبقى عشر دقائق على إعلان الرحلة ومن ثم الصعود للطائرة دفعت حساب الفانيليا الفرنسية وتوجهت للبوابة

الخاصة بإقلاع رحلتي رقم 112 وبعد سماعي للمتحدث الداخلي عبر المايكروفون توجهت للبوابة ودخلنا عبر الممر

الخاص بالطائرة وتوجهت للمقعد الخاص بي ( d22 ) وكان بجوار النافذة وتخيلت عمّار بجواري كما حدث في بداية

رحلتنا وضعت حقيبتي الثقيلة في الدرج العلوي وحقيبتي الصغيرة كانت بجواري . عند الجلوس والبدء في

التعليمات الخاصة بالرحلة ( تعليمات السلامة ) وبعد قراءة دعاء السفر فتحت حقيبتي الصغيرة وأخذت منها

رسالة عمّار والتي كنت أنظر إليها دون أن اقرأها فقط أذكر نفسي وأدعوا له بأن يكون بخير .

بعد جلوس جميع الركاب وبعد أن كان صوت الشنط وهي توضع في الأدراج وصوت الأطفال وبكاء بعض الأطفال

بدء الهدوء يخيم تدريجياً على جميع المسافرين استعداداً للإقلاع أعلن الطيار حينها عن بداية الإقلاع .

هناك الخائفون وهناك من يستعد للنوم والبعض منهم يتصفح الكتب والبعض يتعبث بالشاشة الخاصة به لمتابعة

ما يحلو له ، بعد الإقلاع كل ماتمنيته في تلك اللحظة أن يكون عمّار بخير وأن نصل بأقرب وقت .


 

رد مع اقتباس