عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-25, 06:47 PM   #1
كنت أحلم

الصورة الرمزية كنت أحلم
كنت أحلم

آخر زيارة »  04-04-25 (09:33 PM)
المكان »  فوق موج الحرف
الهوايه »  تذوق الشعر العربي الأصيل والمونتاج
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي مشهد العيد الصامت



عيدٌ يطرقُ الأبوابَ... لكن أين الأحبة؟
يأتي العيدُ محمّلاً بذكرياتهم لكنه بلا وجوهِهم
سرابٌ كسحابٍ بلا مطر
شمسُ بهجتي توارت خلفَ غيمةِ الغيابِ الطويلة
عادَ العيدُ، لكنّ بهجتَه تاهت كصدى خافتٍ
في زوايا البيتِ الخالية.
يمرّ العيدُ، ولا يدٌ تمتدُّ لترفرفَ بالحبِّ،
ولا عينٌ تحتضنُ ابتسامةَ صباحٍ كان يضيءُ بوجودهم.
صارَ العيدُ مشهدًا صامتا يحكي عن فراغٍ يتسعُ
كل عام وعن أماكنهم التي غدت مقابرَ للفرح
تفوح منها رائحةُ الذكرى المريرة
حين يدقُّ العيدُ بابَنا، أبحثُ عنهم بين الظلالِ
الراقصة أسير في طرقاتِ البيت
أستنشق عبقَ قهوةِ الصباحِ التي كانت تعدّها أمي،
أفتّشُ عن صوتٍ دافئٍ، عن ضحكةٍ كانت تعانقُ السماء
لكن الصمتَ وحدهُ يُجيبني، صمتٌ يترددُ كأنينٍ خفيض.
العيدُ في غيابهم، أغانٍ مكسورةُ النغم وألوان باهتةٌ
كرسالةٍ قديمة وقلب يتعلّقُ بخيطِ أملٍ للقاءِ
بين طياتِ أحلامٍ لا تكتملُ صورتها, بغيابهم،
صار العيدُ صفحةً باهتةً في كتابِ العمر
ألوانها غُسلت بدمعِ الأيامِ الحارقة
وحكاياته سُرقت في صمتٍ موجعٍ كجرحٍ لا يندمل
غابت أمي... كانت دفءَ الصباحاتِ الباردة
وصوت التهليلِ الذي يُضيءُ عتمةَ عيدنا
غاب أبي... كان زينةَ الأيامِ وسندها المتين والركن الوثيقَ
الذي نستندُ إليه إذا مالَ بنا الحزنُ
غابت أختي... كانت العيدَ نفسه، بهجةً تتدفقُ كنهرٍ لا ينضبُ فرحا
وطلة تضيءُ كفجرٍ جديد
وغاب أخي... التوأمُ، رفيقي وقطعةً مني صاحب الضحكةِ
التي كانت تعانقُ السّماءَ كأنها وعدٌ أبديٌّ بالحبِّ والهناءِ.

اللهمَّ، في هذا العيدِ الذي يجددُ الأحزان
ارحمْ وجوها كانت ضوءَ أيامنا وبلسمَ جراحنا
وأرواحا تسكنُ الآنَ في ملكوتكَ الأعلى
اللهم اجعل لهم عيدًا أجملَ وأبهى
في جنانِك الرحبةِ التي لا يطالها حزن
حيث لا وجعَ ولا فراقَ ولا دموع
وأكرمْهم بنعيمٍ أبديٍّ، وسلامٍ لا يزولُ أبدا
وفي غيابهم، يُعلّمنا العيدُ قسوةَ الفقدِ
وأنّهُ صفحةٌ مؤلمةٌ من كتابِ الحياة
لكن الحبَّ الذي غرسوه في قلوبنا
لا يموت يبقى نورًا خافتًا يضيءُ دروبنا المظلمة
ودعاء خالصًا يتردّدُ في صدرِ الزمان
يحمل بين طياته رجاءً بلقاءٍ أبديٍّ في جناتِ النعيم.


 


رد مع اقتباس