هنــــــــــــــــاك ...

هناك
حيث تلتقي الأرض بالسماء
من بوابة الإسراء
هناك
حيث تتشكل الغيوم من دخان القنابل
هناك
حيث حمرة الورد
من دم الشهداء
حيث صمتت عن الغناء البلابل
تعيش أجمل النساء
عفيفات طاهرات
من طهارة العذراء
نساء من جنس ثالث
يتزاحم في أرحامهن
مناضل فمقاتل
لم تكسرهن الأنواء
يعجن الألم خبزا
ويتلذذن المحن صبرا
لأنهن يصنعن رجالا
لأنهن يصنعن أبطالا
ولأن الأيام علمتهن
أن الابتلاء
ضريبة للبقاء
وأن العناد من أجل القضية
من أشرف الشمائل
ولأنهن يعلمن قبل غيرهن
أن هذا الليل الأسود
لا بد راحل
وللوطن البقاء .
ستحوم السنونوات ،
مستبشرات مبشرات
بعودة الربيع من منفاه
والأم إلى الأبناء .
وستنبت الأرض الملغومة
من الأزهار مشاتل مشاتل
وستتفجر من الأرض الينابيع
تروي ضماها الجداول
وتخضر الحقول بشامخات السنابل
هناك في تلك القطعة القدسية
حبيبة لي
أعشقها من آلاف السنين
من قبل ولادتي
كانت قبلتي
لأنها أرض الله ومحج الأنبياء
أرض الإسراء
هناك
حيث تصقل أنامل الأطفال
حجارة مسومة
عليها رسم الطير الأبابيل
ترعب بها الأعداء
هناك
حيث يصنع من حديد الزنازين
بتار وقنابل
صليلها ودويها
ينبه ألف غافل
بأنتا لا زلنا هناك
نحلم بالحرية
نحلم بالإنعتاق
من ربقة الغرباء .
نحلم أن نرى السماء زرقاء
وشمسها تزيد سطوعا
لتذيب من على وجه القدس
جليد الاستبداد
وتطهره من آثار الهمجية
وتمحو ظلام ليل قد طال
هناك
حيث تغفو الشمس على القبة الذهبية
فتزيدها إجلالا وجمالا
وبهاء
تأبى المغيب
لأنها البقعة الوحيدة
التي حين تلامسها
تحس بالألفة
بالمحبة
لا تحس بالاغتراب
لأنها البقعة الوحيدة
التي لم تدنسها يد الغرباء
وفيها من رائحة الأولين
الجسد الوحيد
الذي لم تصلبه المقاصل
وبقي وحيدا
يبكي من مروا
كقصيدة رثاء
كبطاقة عزاء
أيها الأعراب
يا من سكنتم أجسادنا
كالورم الخبيث
كالدمامل
كأخبث الداء
فكوا أسرنا
خلوا سبيلنا
رجاء .
آه يا قدس
آه يا غزة
يا أيها الجرح النازف من القلب
قلب مكلوم
أضنته الجراحات
جراح تكدست في حناياه
كالرسوم الفرعونية
تحكي ألفا ألفا من
النكسات
من الغبن
من المذلة
آه يا قدس
نبكيك
نبكي دمشق
نبكي بغداد
نبكي صنعاء
جف الدمع
تشققت المآقي
تاهت المناديل
ولا رجاء .
أيها الجاثمون على صدورنا
لن تقتلونا
لن نموت
لأننا موجودون في كل شيء
في تشكل الزهور
في زرقة السماء
في الحجارة
في خرير المياه
في حمرة الورد
نحن نتلون كالحرباء
لن نموت
وإذا متنا
نبعث من رمادنا كالعنقاء
وسترحلون
لأنكم الدخلاء
لأنكم الغرباء
وستتيهون
كما البدء
كما الوعد
كما في سورة الإسراء
ولنا البقاء .

ن. شريطي