عرض مشاركة واحدة
قديم 05-28-24, 05:45 PM   #1
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  اليوم (02:40 PM)
المكان »  أي مكان اخطو فيه ... يزهر ~
الهوايه »  صاخبة ولكن ...

 الأوسمة و جوائز

افتراضي بُرْعُمَةُ ... حصرية



اتعلمين؟
لا يمكن لأحد منا ان يبدأ معركة وهو بلا سلاح ؟
قالتها وهي تحرك كوب الشاي الخالي من السكر
اكملت
-لكني فعلت ! يوم وقع الحادث اخرجوني من السيارة بلا اي اصابات ، هو مات لحظتها .
تاهت عيناها لثواني وكأنها ترى المشهد من جديد وترتب احداثه ...
-كنت لا ازال طفلة ، خائفة من الموت ، سعدت بنجاتي ، ظننت أنه ربما أحدهم سيكون سعيدا، على الأقل اهلي ، لكني كنت مخطئة !
رأيتها بأعينهم ، موتي ، موتي ، لما لم تموتي معه !
كنا قد تزوجنا منذ خمسة ايام فقط ، كنت في عمر السادسة عشرة لم نتحدث سوى بضع كلمات ، انا لا اتذكر ملامحه حتى !
أكان علي أن ابكي ؟
أن احزن عليه !
لكني لم اشعر بالحزن !
هل كان من المفترض أن احزن ؟

رفعت انظارها لي موجهة بسؤالها ، لكنها لم تنتظر الإجابة ، أكملت :
- تعلمين لم احزن لأنني كنت شبه ميتة قبله ، كنت خالية من الروح ، لا اشعر أني انسانة ، لم اتمتع بأي حقوق انسانية بحياتي ، فقدت طفولتي بسبب العنف ثم دراستي ، ثم زواجي من رجل يكبرني بعشرين عام لأنه ثري .
في آخر يوم للعزاء كنت مغادرة ، كادت زوجته الأولى تقتلني وهي تصيح كالمجنونة
_ ماذا كانت ردة فعلك !
قاطعتها وقد استثار فضولي موقف الزوجة الدرامي ..
لمعت عيناها بالحياة لاول مرة منذ جلوسنا وهي تقهقه
_ضحكت فقط ! لتزداد جنونا وهي تضربني بكل ما اوتيت من قوة ، لكني واصلت لم تستطع اسكاتي ...
قالتها بنبرة إنتصار لكنها خبتت في كلمتها التالية
_ ضحكت لأيام متتالية بلا توقف ، بوعي وبدون وعي في البداية تعاطفهم منعهم من اظهار قسوتهم الحقيقية لكنهم بعدها قيدوني وحبسوني في غرفة معزولة ...
_ هل تظنين اني ابالغ ؟ أي شخص آخر لن يصدقني ، معلمتي لم تصدقني ذات يوم ، لا يمكن لأب ان يكون اسوأ كوابيس ابنته !
لا يمكن للأم أن تكون مسخ بلا ملامح ، تدعي الطيبة والحزن بينما هي تصم آذانها وتغمض عيناها عن عذابي ، ذات يوم دخل علي والدي وبيده سيخ من الحديد ليكويني بها ، هي من امسكت بي تثبتني بيديها و تذرف دموع التماسيح .
ارفقت كلمتها مع ابتسامة مريرة ساخرة ..
- بعدها زوجوني برجل آخر ...
لم اتوقع أن تنهمر كل حكاياها دفعة واحدة و في أول جلسة لنا ، شجعتها وانا اخفي انبهاري بسلاستها في السرد واسترسالها المدهش .
_ كيف كان ؟
وكأن الحياة دبت في ملامحها فجأة ، صوتها ارتجف لوهلة وهي تجيب
- كالبلسم ، أحببته وكأنه روحي معه شعرت أني احيا من جديد ، وكأني جذع شجرة ميت نبتت فيه بُرعمة بعد طول جفاف، كان دوائي لكني كنت داءه !
ارتشفت كوبها البارد كأنها تبتلع مرارة ما اشد من مرارته .
_كان غريبا لا يشبهني ، عيناه تشعان ، دافئ ، حنون ، تضحكه ابسط التفاصيل ، لم افهم سر ضحكته تلك ، لم افهم لماذا لا يكرهني مثل الجميع ، كنت انتظر أن يكرهني ، أن يضربني ، كلما رفع يده نحوي انكمشت ، كلما قهقه اصم اذناي اتخيلها صريخ وشتم ، عشت معه سنين انتظر متى يصبح مثلهم ، حاول كثيرا تغييري لكني كنت ميؤس منها ، بترت تلك البرعمة بيداي ، لا اتحمل أن أخسر سلاحي ، أن اكف عن حذري ، لن انتظر أن يصبح مثلهم ، كنت اعيش رعب الإنتظار ، فقط فلتأتِ تلك اللحظة وحين تأخرت أنا من تركته .
قطرات كالبلور تساقطت على وجنتيها ، لكن نظرتها فيها إصرار على قرارها ذلك ، بلا ندم .
- لم اكن إمرأة كاملة الروح ولا الجسد ، يستحق من هي أفضل مني أما انا فلا يليق بي سوى هذه الحياة الخالية من اي شيء .
دفعت بآخر رشفة الشاي وهي تنظر لساعتها ، عيناها جافتان وكأنها لم تذرف الدموع قبل ثواني ..
- اظن وقتنا انتهى
قالتها وهي تلقي إلي شبه ابتسامة سريعة .
- اه ، نعم متى تريدن أن تكون الجلسة التالية ؟
هذه المرة القت لي بإبتسامة كاملة
- لن يكون هناك جلسة أخرى ، تشرفت بلقائك دكتورة .
قالتها وهي تقف تمد لي يدها بلطف ، افترقنا وانا افكر بأحداث قصتها ، لازلت حديثة العهد بهذه المهنة ولا املك عيادة خاصة لذلك فأنا اقابل مرضاي في الأماكن العامة ، نظرت لساعتي واسرعت خطاي ، تنتظرني جلسة أخرى بعد دقائق ...


 


رد مع اقتباس