•• الجزء الخامس عشر ••🌸
في الظهر ، و بعدَ الانتهاء من طعامِ الغداء ، كانت السيدة ( كاثي ) و ( روز ماري ) في المطبخ .. فاغتنمت ( صوفي ) الفرصة و ذهبت لـ ( جودي ) تمسك بها قائلةً بهمس
- أريد الحديثَ معكِ يا ( جودي ) .
همست الأخرى قائلة بتساؤل
- ماذا هناك ؟
- تعالي معي في غرفتنا .
وصعدت التوأمتان إلى غرفتهما ، بعدما أطبقت ( صوفي ) باب الغرفةَ عليهما .. استدارت إليها ( جودي ) قائلة بتذمر
- أسرعي و أخبريني بما يدور في رأسك .
نظرت إليها ( صوفي ) بازدراء ، و اقتربت منها قائلة و هي تعقد حاجبيها
- ستخبرينني الآن بما فعلته بالأمس مع ( آرثر ) !
- لم أفعل شيء !
- بل فعلتي !.. أخبرتني ( روز ) أن ( آرثر ) قد ألتقى بـ ( بيتر ) .
رفعت ( جودي ) حاجباً و قالت
- ذلكَ صحيح !.. ألتقينا به في المقهى .
أستأنفت ( صوفي )
- و أيضاً ذكرَ ( آرثر ) أن ( بيتر ) تلقى رسالةً من ( روز ماري ) !
تابعت ( جودي ) قولها مؤكدة بهدوء
- ذلكَ صحيح ، و لقد أطلعَنَا عليها .
أمسكت ( صوفي ) بذراع ( جودي ) قائلة بعصبية
- ستفسرينَ لي أمرَ الرسالة ، كيفَ وصلت لـ ( بيتر ) !
سحبت ( جودي ) ذراعها من قبضة ( صوفي ) صارخة
- أتركيني !
و استدارت مبتعدةً عنها قائلة بغضب
- فلتسألي ( روز ماري ) كيفَ أرسلتها إليه !.. ما شأني أنا ؟!
- بل شأنكِ !.. ( روز ماري ) لم ترسل لـ ( بيتر ) ، و لا تعرف شيئاً عن ( بيتر ) منذ أن انفصلت عنه .. حتى رقم هاتفه لا تحتفظ به !
استدارت ( جودي ) نحو شقيقتها و قالت بانفعال
- و لا أنا أحتفظ برقم هاتفه !.. ثم كيف أكون قد أرسلتُ الرسالةَ من هاتفها و هي تقفل عليه برقمٍ سري ؟!.. أنا لا أعرفه !
صمتت ( صوفي ) للحظة ، ثم تنهدت لتستجمع هدوءها .. و اقتربت من ( جودي ) و وقفت قبالتها قائلة
- بل تعرفينه .. أما من أينَ جئتي برقم ( بيتر ) فلا أعلم ، لكن ما حدث كله لم يكن محضَ صدفة .. كنتي خططتي لكل هذا !
قالت ( جودي ) ببرود
- لا تلبسيني تهمةً دونَ دليلٍ بينٍ يا عزيزتي ، و لا تقحميني بمصائبِ ( آرثر ) و ( روز ماري ) .
- حسناً ، لن تعترفي .. لكن لن يحصل ما تتمنينه يا ( جودي ) !
قالت ذلكَ و خرجت مغادرةً الغرفة .. فمشت ( جودي ) ببطءٍ نحو النافذة ، و البسمة على شفتيها .. و همست تخاطب نفسها
- لنرى إن كان سيحصل ، أو لا يا ( صوفي ) .
*******
في العصر ، و عندَ باب منزل السيد ( جيمي ) .. وقفت ( روز ماري ) تطرق الباب ، كانت مصرةً على أن تلتقي بـ ( بيتر ) لتفهمَ ما استعصى عليها فهمه ، فهي حتى الآن لا تصدق أن ( بيتر ) قد استلم رسالةً منها .. و تريد منه تفسيراً مقنعاً للأمر .
فتحَ الباب السيد ( جيمي ) و قد أشرقَ وجهه حينما وقعت عيناه على ( روز ماري ) .. ابتسمَ و قال بسعادة
- ابنتي ( روز ) !.. أهلاً و سهلاً بكِ .
أجابت بابتسامةٍ هي الأخرى
- أهلاً عمي ، كيفَ حالك ؟
- بخير .. ماذا عنكِ ؟
- بخيرٍ أنا الأخرى .. شكراً لك .
- تفضلي يا عزيزتي .. منذ زمن لم نرَكِ ، كم سعدتُ برؤيتك .
قالت بتلعثم
- اممم ، في الحقيقة .. جئت للحديث مع ( بيتر ) ، هناك ما أريد معرفته منه .
سكنت تقاسيم وجه العم ( جيمي ) .. ثم قال
- أ لن تدخلي ؟
- سأنتظر ( بيتر ) هنا .. لو تسمح .
أصدرَ تنهيدةً طويلة ، ثم قال
- كما تشائين يا عزيزتي ، سأنادي عليه إذن .
و استدار ليعود إلى الداخل ، فبقيت ( روز ماري ) واقفةً لدقيقة .. تحاول أن تستجمعَ أفكارها ، و تفكر كيف تبدأ الحديث مع ( بيتر ) .
بعدها جاء ( بيتر ) و كله لهفة لمقابلةِ ( روز ) .. التقت عيناهما بصمت للحظة .. ثم قال ( بيتر ) بسعادة
- أهلاً ( روز ) ، كنت أنتظرك .
رفعت حاجبيها و قالت متسائلة
- تنتظرني ؟!
- نعم .. عندما لم تحضري بالأمس ، توقعت حضوركِ اليوم .
أخذت ( روز ماري ) نفساً ، ثم قالت
- ( بيتر ) أريد الحديث معك ، هللا أتيتَ معي .
- حسناً .
قال ذلكَ و أغلق باب منزله ، و بدأ الإثنان بالمشي معاً دون وجهةٍ معينة .. نظرت إليه ( روز ) قائلة
- هل حقاً وصلتكَ رسالةٌ مني بالأمسِ يا ( بيتر ) ؟
نظر إليها مجيباً بنبرةٍ متعجبة
- نعم !.. لكن ماذا تعنينَ بسؤالك ؟
توقف الإثنان عن المشي و وقفا متقابلين ، قالت ( روز )
- أريد رؤيةَ الرسالة ، و معرفةِ متى أُرسلتْ إليك .
نظر إلى عينيها الخضراوتين للحظة .. ثم أخرجَ هاتفه و مدهُ إليها قائلاً
- تفضلي .
أمسكت بهاتفه و بحثت عن الرسالةِ التي تم ارسالها من هاتفها بالأمس ، حينما وجدتها .. اتسعت عينيها دهشة .
همست قائلة
- أُرسلت من هاتفي ، فجراً !
قال ( بيتر ) بنفاذ صبر
- بحق السماء ( روز ) !.. ما الذي يجري ؟!
رفعت عينيها عن الهاتف ، و نظرت لـ ( بيتر ) موضحة
- ( بيتر ) .. لستُ أنا من أرسلَ الرسالةَ إليك ! ، كنتُ غارقةً بنومي في هذا الوقت .. لم أجلس من نومي إلا قبل العاشرةَ للذهاب إلى المسرح .
قال ( بيتر ) و الغضب بدأ يجتاحه
- أ تكذبينَ خوفاً من ( آرثر ) ؟
علت الدهشة ملامح ( روز ماري ) .. و قالت بانفعال
- ما الذي تقوله ؟!
- ( روز ) .. إنسي ( آرثر ) هذه اللحظة ، و أخبريني ..
و أمسكَ بيد ( روز ماري ) و قال و هو يحدق في عينيها بهدوء
- كنتِ تريدينَ أن تخبريني بأمرٍ بالأمس ، ربما امتنعتي من اللقاء بي بسبب مجيء ( جودي ) و خطيبكِ في ذات المقهى .. نحن الآن بمفردنا .. تحدثي بما في خلدكِ يا عزيزتي .
سحبت يدها من كفيه و الدهشةُ تكاد تفقدها صوابها ، و قالت بانفعال
- ( بيتر ) !... أنتَ لا تفهمني !.. لستُ من أرسلَ إليك !
قال ( بيتر ) و قد عاوده الغضب
- أنتِ خائفة من ( آرثر ) ، هل أفرغَ غضبهُ عليكِ ذاك الوقح ؟
قالت ( روز ماري ) بغضبٍ و انزعاج
- لا شأنَ لكَ بخطيبي ! ، ( بيتر ) سأغضب منكَ حقاً إن تماديتَ في الحديث عن ( آرثر ) !
أخذَ نفساً عميقاً محاولاً تبديد غضبه .. ثم قال بهدوء
- حسناً ، أنا آسف .
- أخبرني الآن ، قلتَ أن ( جودي ) كانت هناك بالمقهى أليسَ كذلك ؟.. كيف التقيتَ بهما ؟.. أخبرني بكل ما حصلَ منذ البداية .
أخبرَ ( بيتر ) ( روز ماري ) تفاصيلَ ما حدثَ بالأمس في المقهى و كيف التقى بـ ( جودي ) و ( آرثر ) حتى افترقا عنه .. فصمتت ( روز ماري ) تحاول ربط أفكارها .. ثم همست و هي تنظر في عيني ( بيتر )
- ( جودي ) كانت على موعدٍ للقاء ( آرثر ) ، في ذات المقهى !
- بالضبط .
تذكرت حينها قول ( صوفي ) ، أيعقل حقاً أن ( جودي ) من أرسلت الرسالة و رتبت هذا اللقاء ؟!
لاحظ ( بيتر ) صمتها و غياب وعيها عنه ، فقال و هو يضع يده على كتفها
- ( روز ) ؟.. هل أنتِ بخير ؟!
نظرت إلى وجهه بصمت ، ثم هزت رأسها يمنةً و يسرة .. و همست
- لا شيء ، لا شيء .
عقدَ ( بيتر ) حاجبيه و قال
- ( روز ) !.. ما بكِ ؟!
تنهدت ( روز ماري ) و قالت و هي تقطب جبينها
- يكفي ( بيتر ) ، آسفة لازعاجك .. و شكراً لوقتك .. إلى اللقاء .
قالت ذلكَ و تابعت سيرها ذاهبةً نحو منزلها ، بينما ظل ( بيتر ) واقفاً يحدق بها حائراً .
*******
عادت ( روز ماري ) إلى المنزل و الأفكار تحوم برأسها ، لقد أُرسلت رسالة من هاتفها إلى ( بيتر ) بالأمس .. و لا يمكن أن يكون قد أرسلها إلا شخصٌ واحد .. ( جودي ) !
صعدت إلى غرفتها في الأعلى .. فتحت الباب بهدوء ، و نظرت إلى شقيقتيها اللتين تجلسان بجوار بعضهما تنظران في شاشة الهاتف .
رفعت التوأمتين بصرهما نحو ( روز ماري ) التي لا تزال واقفةً عندَ الباب .. سألت ( صوفي )
- ما بكِ يا ( روز ) ؟.. لما تقفين عندكِ ؟
أجابت و هي تغلق الباب لتدخل
- لا شيء ، أنظر إليكما فقط .
ثم مشت نحو مكتبها و وضعت حقيبتها .. و استدارت لتمشي نحو شقيقتيها .
جلست قبالتهما .. و قالت تسأل ( جودي )
- هللا أخبرتني عن سبب لقاءكِ بـ ( آرثر ) بالأمس ؟
تفاجأت الفتاتين من سؤال ( روز ) ، و بالأخص ( جودي ) التي تجمدت تقاسيم وجهها فجأةً .
رفعت ( جودي ) عينيها بعدَ برهةٍ نحو ( روز ماري ) .. و أجابت بهدوء
- كنتُ أرغبُ في الحديث معه عن أمرٍ يخصني .
- و هل تحدثتي معه !؟
صدت ( جودي ) بوجهها عن ( روز ) متململةً و هي تقول بضجر
- لا ، لم يحالفني الحظ .. بسببك .
عقدت ( روز ماري ) حاجبيها و قالت مستنكرة
- بسببي ؟!!
و قفت ( جودي ) و نظرت لـ ( روز ) و قالت و قد احتد صوتها
- نعم بسببك ، بسببِ مواعدتكِ لـ ( بيتر ) في ذاتِ الوقت الذي كنتُ أرغب فيه بالتحدث مع ( آرثر ) ، التقيا و اصطدما بالحديث .. و اشتط ( آرثر ) غضباً حينماعلم أن ( بيتر ) ينتظر لقاءكِ ، خصوصاً عندما قرأ الرسالةَ التي بعثتها لـ ( بيتر ) !
وقفت ( روز ماري ) و قالت بعصبية و انفعال
- كفى هراءً !.. تعلمين جيداً أني لستُ من أرسلَ هذهِ الرسالةَ يا ( جودي ) !.. و لستُ من تحنُّ لـ ( بيتر ) ، علاقتي قطعت به منذ أن انفصلنا .. لا شيء يربطني به ، تعلمينَ ذلكَ جيداً !
قالت ( جودي ) بمكر
- من يدري ، لعلكِ خائفة من الارتباطِ بـ ( آرثر ) ، و لا زلتي متعلقة بـ ( بيتر ) !
صرخت ( روز ماري ) بغضب
- قلتُ لكِ كفى !.. لا أعلم كيفَ دبرتي هذا اللقاء بين ( آرثر ) و ( بيتر ) .. و لا كيف استطعتي التطفلَ على هاتفي و إرسال الرسالةَ لـ ( بيتر ) ، لكن ما بتُّ أعرفه الآن أنكِ لم تتغيري ، و ما زلتي تكيدين لي !.. تقحمينني بـ ( بيتر ) للمرةِ الثانية يا ( جودي ) فقط لتفسدي ما بيني و ( آرثر ) ، لكنكِ ستفشلينَ كما فشلتي في المرةِ السابقة .. انقلبتْ مكائدكِ و تقدمَ ( آرثر ) لخطبتي ، هذه المرة ستفضحين .. و سأتزوج من ( آرثر ) مهما حاولتي !
-
- صمتت ( جودي ) و هي تنظر في عيني ( روز ماري ) بقهر ، و الغضب أخذ منها مأخذه ، كانت يديها تنتفضان .. و عينيها من شدةِ القهر كادت أن تدمعان .
-
- همست ( صوفي ) في هدوء و هي تحني رأسها للأسفل
-
- - يجب أن تعترفي بخطأكِ يا ( جودي ) ، جميعنا نعرف أنكِ أنتِ من أرسلَ لـ ( بيتر ) .
صرخت ( جودي ) و الدموع قد انحدرت على وجنتيها
- لستُ أنا ، لستُ أنا من فعل .. و لا يحقُ لكما أن تتهمانني دون دليلٍ يُثبت ذلك ، و افعلا ما بدا لكما .. لن يصدقكما أحد !
قالت ذلكَ و انصرفت لتغادر خارج الغرفة ، و أغلقت الباب بقوةٍ ليصدرَ صفعةً أفزعت كلا الفتاتين .
مرت لحظة صمت ، ثم قالت ( صوفي )
- كم هي مجنونة !
تنهدت ( روز ماري ) و جلست على السرير و قالت
- فهمت من ( بيتر ) أن ( جودي ) كانت على لقاءٍ بـ ( آرثر ) بالأمس ، لكن لا أعرف لما صادف أن يلتقيا بـ ( بيتر ) ، و الرسالة !.. ذلكَ كله مدبرٌ أليسَ كذلك ؟!
و نظرت إلى عيني ( صوفي ) الزرقاوين .. و قالت
- ( جودي ) هي من دبرت الأمر كما ظننتي !
اقتربت ( صوفي ) من ( روز ماري ) و جلست بجانبها قائلة
- نعم ذلكَ واضح .. لكن هل حقاً لم تكن هذه المرةَ الأولى ؟!.. هل حاولت أن تفسدَ بينكِ و بينَ ( آرثر ) من قبل ؟
- نعم ، قبل أن يتقدمَ ( آرثر ) لخطبتي .. و لكن في المرةِ الماضية قد تقدمَ إلي ( آرثر ) و سألني إن كنتُ لا أزال أكن مشاعر لـ ( بيتر ) ، أخبرته أني انتزعته من قلبي .. و صدقني ..
-
- ثم أضافت بصوتٍ مرتعش أرجفه البكاء
-
- - لكن الآن و بعدَ رؤيتهِ الرسالة ، كيفَ سيصدقني يا ( صوفي ) !؟
تذكرت ( صوفي ) حينها أن ( جودي ) قد أخبرتها بالأمر مسبقاً ، فضمت شقيقتها ( روز ماري ) التي أجهشت بالبكاء .. و قالت تحاول تهدأتها
- نعم تذكرت ذلك .. لا تحزني ( روز ) ، غداً أخبريه بكل شيء .. واثقة من أنه سيصدقكِ يا ( روز ) .
قالت ( روز ) بقهرٍ و هي لا تزال تبكي
- ليتني أستطيع الوثوق يا ( صوفي ) .
شعرت ( صوفي ) بالحزن و الضيق الشديد .. و اغرورقت عينيها بالدموع ، ترى هل يجب أن تذهبَ لـ ( آرثر ) لتخبره عن تخطيط ( جودي ) المسبق لما حصل منذ البداية ؟!
ليتها تستطيع التصرف ، و ليتَ ( جودي ) تتعقل و تكف عن إذاء ( روز ) .