منتديات مسك الغلا - نَثرٌ بلا هُوية

كانت الشعوب تعبد ما تخافه، وكانت تعبد ما تجده غريبًا. كيف لذاك المجسم المضيء في الليل ألا يكون الاله. هو كبير ويطير ويضيء ويختفي ويتغير الى عدة اشكال. قد يظهر أحمرًا وقد يسد عنا نور الشمس. يا له من اله مخيف. وانما من عبد الشمس فقد كذب. هو لما يخفها، ولم يعتقد بغرابتها.

كيف رآها وكيف عرف كينونتها. نظر اليها من بعيد ولم يرى سوى نورها. ولكن ربما عندما يحاول ان ينظر اليها بشتى الطرق تمنعه، فيظن ان من يستطيع التحكم بارادته هو ذلك الاله. كان الله بستطيع ان يظهر لهم جميعًا وان يخبرهم بصوتٍ او بوحيٍ انه هو الخالق والرب الأوحد لهم جميعًا.

لا يحتاج لرسول او لنبي ليقنع عبدًا بوجوده. ومع ذلك، فإن التأمل بالتجارب الشخصية، وباحداث الحياة، حتى التي لا صلة لها بالموضوع، تثير عليك السؤال اكثر. تنظر لها من بعيد فتسأل لماذا لا يخبرنا الخالق عن وجوده بنفسه. تدير ظهرك وتُنهي عملك فتقفل الجهاز الذي تعمل عليه، فتدرك عند اقفاله ان هذا هو السبب الذي جعله لا يخبرك بنفسه. تذهب للبيت فتعود وتتساءل لماذا لم يخبرنا؟

كنت اود الحديث عنها، واتساءل لما هي دائما. دائمًا ما كانت الشمس ولكن تُدرك في نهاية كل ليلة انها كينونة مستقلة لا شبيه لها. وكيف سيحصل الانسان الذي يعيش في الابعاد الأربعة على مساحة صغيرة لا تُذكر ولكن تعيش في ابعاد اكثر وفي ابعادٍ اقل. هي من الوجه الآخر للقمر، او تعيش في مستنقعٍ موحل في أحد زوايا المريخ. تُبرطم في لغة لو سمعها فلاح من اراضي بلاد النهرين لظنها اتته لتُنظف التراب من تحت اظافره. لأنهى طعامه مسرعًا ومسح يديه في خرقته المتسخه ووقف متلكئًا يعجز اللسان عن الحديث، والعقل عن التفكير. هو يُدرك أن اللغة في عُمقها، لا يمكن لأمواجها ان تضرب أبعد من الشاطئ، فكيف سيسقي جُمله ويحصد من سيقانها معنى يعينه على استكمال بضع لحظات من محادثتها. هو لن يشقى من هذا العناء، هي لن تأتي.